قال تعالى(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ{49} أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{50}
عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( لا يكون لأحدكم ثلاث بنات فيحسن إليهن إلا دخل دخل الجنة ))
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجاباً من النار )) رواه الترمذي .
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الإهـــــــداء
إليكِ يا فتنة الروح , و حشاشة القلب وشامة الاحلام
إليكِ يا مهبط القلب و مأوى المشاعر و رياض الأحاسيس و مقامات الزمان
إليكِ يا أجمل براءة حلّقت في سمائي, إليكِ هذه المشاعر المتدفقة أرّصعُ بها تاجك .
إليك – يا غاليتي – روحي أسكبها في رشفات من حب , و نبضات من وجدان .
إليكِ – يا ابنتي – كتبتُ عبير حبي و سكبتُ رحيق قلبي
لك باابنتي خاصة و لجميع بنات المسلمين عامة ,أقدّمُ لهن هديتي, وأنثرُ لهن مودتي, و أصدحُ كالبلبل مغرداً , أحبكِ يا أغلى هدية , أحبكِ أنتِ يا ابنتي .
حماكِ الله يا ابنتي و جميع بنات المسلمين .
كتبه :
أبوسعد النشوندلي
حضرموت
17//4/1432هـ
ابنتي: أنتِ سعادتي , و أنتِ فرحتي , أنتِ من زرع ابتسامات الحب على شفتي , أنت من حلّق بقلبي إلى سماء السعادة , درجتِ في عشِّ قلبي , و سقيتكِ من سلسبيل روحي الرقراق , و أطعمتكِ من فؤادي حباً كالترياق .
أملي يا أبنتي أن أرى قدوتكِ في الجهاد نسيبة ,و خولة بنت الأزور في الشجاعة , و عائشة بنت الصديق في العلم , و سمية في الشهادة , و أسماء في تحدي الأخطار , و آسية بنت مزاحم في الثبات , و مريم بنت عمران في الصبر على المدلهمات , و أم موسى في اليقين, و الخنساء في التضحية , و فاطمة بنت محمد rفي الحياء.
*******************
*******************
إليكِ – يا ابنتي – وهبتُ أحاسيسي وساماً تتألق على عنقك , امرحي فوق بستان فؤادي, و غرّدي كالبلبل فوق أغصان ذكرياتي , ابنتي أنتِ شموس في فؤادي لا تغيب, أنتِ نجم في سمائي لا يأفل .
أنتِ أنوار في وجداني لا تنطفئ .
ابنتي .. كلما نأيتُ عنك ذبتُ حسرة و هماً , أناجي القمر قائلاً : لقد ذكرّتني بأنوار ابنتي, كأن وجهكِ التصق على القمر .
فإذا أبحر في السماء أبحرتْ خلفه نظراتي و تلاحقه ذكرياتي .
فإذا رنَّ جرس الصباح تخيلّته أستعار محياكِ.
ابنتي :كلما انشبت الغربة أظفارها في حلقي بدأت أقلّب صفحاتكِ , و أنظر إلى صورتكِ فتنهمر سيول عيني فتغرق معها أحلامي, إلا صورتكِ كالزورق تبحر في لجج آهاتي .
كل ليلة في غربتي لا أنام حتى تطير من قلبي قبلات دافئة تسابق النجوم عساها تعانق جبينكِ , فإذا أصبحتُ سكبتُ قبلات غيرها فترقرق مع نسيم الصباح , فتغرّد على خدكِ , فتشعرين بحنانها فتهتزين ضاحكة لدفئها .
*****************
ابنتي :خذي قلبي منبراً لكلماتكِ , خذي قلبي عشاً لأحلامكِ, خذي أنفاسي وصائف لآمالك ِ.
ابنتي :أنتِ لقلبي سناه , أنت لروحي ضياه, أنت بسمة الأمل و ضحكة المستقبل و نغمة الغد, أنتِ ربيع العمر و أنوار الحياة , أنت بديع زماني , و رياض هنائي ... ابتسمي ياابنتي – فابتسامتك شموس في نفسي , اضحكي فحياتي سرور بقربك .
أُعبري بأقدامكِ الصغيرة فوق جسر حبي لعلّك تصلين إلى سرير قلبي
*************.
أحبكِ – يا ابنتي – بعدد قطرات المطر و ذرات الرمل .
أنفاسكِ كنسائم هادئة تنعش روحي و تحيي فؤادي ... ليت قلبي مملكة فسيحة فافتح لكِ عرشها لتكوني أنتِ الملكة ,
****************---- --
فغداً - يا ابنتي – يبتسم الربيع و تتفتح الزهور و تخضرُّ الأيام .
هنيئاً لكِ بزوج صالح و ذرية طيبة
***********
أنتِ أخت الشهيد المجاهد , و أم القتيل الثكلى , و سند الأسير المكبّل .
انتِ العظيمة التي يولد منها العظماء , كفكفي طوفان دموعكِ في أعماق قلبكِ الفسيح , أميطي الألم و اليأس عن وجهك .. أسرجي من كل دمعة شمعة , و انسجي من كل محنة منحة ..
لا تنظري الى اليل و سواده , و انظري للقمر و بياضه .. علّمي الدنيا أنكِ مسلمة قوية لا تركع إلا لربها و لا تنحني إلا لمولاها .
** *****
ابنتي: نسيتُ الدنيا و نصبها عندما أراكِ تلعبين بين يدي .. لوخيّرت بين الدنيا و بين ابتسامتك الحلوة , لأخترتُ بأعلى صوتي: ابتسامتك , فهي كالشمس تعيد الحياة لقلبي و تنير الأمل لدربي .
************
لو استطعت - يا ابنتي – لجعلت حضني مهداً لطفولتك , و يدي أرجوحة لبراءتك .. إذا غبتِ يوماً واحداً عن بيتي .. أحس أن النور ينطفئ منه , أحس كابوساً يطوّق عنق فرحتي , أحس بيتي سجنا , و صرتُ أترقب الحرية من أنوار وجهك , و أشم ريحها من أثوابك , ووضعتُ خدي على كفي أشتاق لمرآك و أنتظر عودتك من جديد إلى بيتي , فإذا عدتِ أحسُّ الحياة تسري في أطراف بيتي , و ينعش الربيع المزهر قلبي
*************
ابنتي .. عندما كنتِ صغيرة تنامين بجانبي , فأحملكِ إلى فراشكِ و كأنني في موكب مهيب , أمشي رويداً رويداً , لأني أحمل قلبي في يدي , أخاف مع كل خطوة أن أتعثر فإذا وضعتكِ في فراشكِ .. طبعتُ جبينكِ بقبلات ثم أسدلت الستار على أحلامك .
ابنتي.. إذا ذهبتُ الى عملي أتخيّل وقوفكِ بين يدي تقبلّين رأسي و تضمين فؤادي , و أتخيّل قلبك الصغير يرقص على مسرح كفي .
أقبلي – يا ابنتي – لأضمكِ إلى صدري لأطفئ لهيب الأسى و تطفو أمواج الأمل .
****************
عساني أُسمِعُ الدنيا صوتي , فأنتِ أجمل نغماتي و أرق كلماتي , و أعذب ألحاني .
يا ابنتي: أنتِ شرايين تغذّين حياتي .. أنتِ شمس سطعت في أفق ذكرياتي , يطوف حبكِ حول قلبي كل لحظة , و كلما طاف خيالكِ أسرعتُ أقبله و أستلمه .
ابنتي .. في راحتيكِ الصغيرة غرستُ سنابل أحلامي , أنت زهرة عمري و ربيع قلبي, كلما هبت ريح الصبا حملت شذا عبيركِ فيطرب لها خاطري , و يتراقص على انفاسها قلبي ,واذا أجدبتْ مشاعري .. نظرتُ إلى سحابة حبكِ فتنعش أمطارها جفاف قلبي , فيهتز فرحاً , حتى غدا قلبي ارضا تهتز ربيعاً و جمالاً إذا غشاها أمطارك .
*** ***********
*******************
من غيركِ – يا ابنتي – يداوي جراحي إذا تكّدرت المياه و تعكّرت الحياة ؟.
من غيركِ – يا ابنتي – إذا انهمرت الدموع و انطفأت الشموع .. أقبلتِ كالشمس تشرق أنوارها في حياتي , و تقولين بكل ثقة : أبي لا تحزن لوفقدتُ الدنيا لن أحزنَ أبداً , حسبي أن أراكِ أمامي فألصق صدري بدموعكِ فأحس أن كل شيء في هذه الحياة رخيص أمام ابتسامتك .
ابنتي .. تمضي الدنيا و ذكرياتك باقية منحوته على جدران قلبي , تمر الأيام كالبرق تسحب أذيالها و تطوي صفحاتها و حبك باقٍ في قلبي لا يندثر .
******************
إذا رأيتكِ مريضة وددتُ لو أني أقسّم صحتي و أهديكّ نصفها بل كلها فأنتِ كل حياتي .
كلما انطلقتْ نحوكِ سهام المرض أسرعتُ أمامها أقدّم لها صدري عساها تصيبني و لا تصيبكِ .
كلما عسكر الحزن بقلبكِ أقبلتُ كالعاصفة تمزّق جيوشه و تخرّب عروشه .
كلما أمطرتكِ الهموم بقذائف اليأس وقفت كالجبل أنازلها لا أتضعضع .
كلما تسلل الشيطان و رماكِ بشرّه و حاول اخراجكِ كأبيك من الجنة , اعترضتُ طريقه و أطلقتُ عليه قنابل الدعاء فيهرب مذموماً مدحوراً .
*** ************
و إذا أويتُ إلى فراشي أقلّب صفحاتكِ حتى يغلبني النوم , فإذا نمتُ أقبل شريط أحلامي يعرض صورتك و قد أضحت كطيور تحلّق في سمائي . لاأدري – ياابنتي – كل شيء في حياتي يذكّرني بك : ألعابكِ , عرائسكِ , فراشكِ ,......
*****************
ابنتي .. مع كل دقة من دقات قلبي يتدفق شلال ذكرياتكِ , فتسبح صورتك في دمائي .و كلما ابتعدتْ جذبها مغناطيس قلبي , فتعودإليه من جديد , فتلتصق بشغاف قلبي حتى لكأن لنا قلباً واحداً يسكن صدراً واحداً , إذا مرض أحداهما تفجرت عيون الآخر حزناً حتى تندمل جراحه ,بحثتُ يا ابنتي – عن أجمل ابتسامة تعيد لقلبي الحياة فلم اجد افضل من ابتسامة تطير من فمك و يتلّقفها قلبي كالملهوف , فتسري الحياة في أوصاله و تنبض بالفرحة أحلامه و تضيء بالآمال أركانه .
دعيني – يا ابنتي – اصنعُ لكِ من روحي طائرة تطيرين بها إذا ضاقت دنياك , دعيني أصنع لك من دنياي قصراً تنعمين بظله .
*** *************
- ابنتي – نظرت فيما يخلّفه الناس وراءهم بعد موتهم, فلم أجد أفضل من ذكر حسن و لسان صدق يكون لكِ شاهداً و نافعاً .
فإن عشتِ فازرعي دنياكِ بالمعروف, فإذا رحلتِ صار عند الله ذخراً و بين الناس ذكراً .
ابنتي نظرتُ إلى كنوز الدنيا فلم أجد أغلى و أنفس من كنز العافية , و جربتُ كل الصداقات فلم أجد صداقة تفوق صحبة الكتاب , و جرّبت كلام الناس فلم أجد أعظم من ذكر الله .
*****************
ابنتي .. ودّعتُ الحزن منذ ترّبعتِ على قلبي , و سفكت دماء الهم منذ أطلالك على عيني . أنتِ زهر من حنان و جدول من حب تنداح أمواجه إلى سمعي .
أجمل كلماتكِ عندما تقولين : ( أبي يا أغلى ما في حياتي )
هل تذكرين يا ابنتي :عندما كان في قدمي جرحاً أقبلتِ تلثمين جرحي و تلحسينه بكل براءة الطفولة؟ .
هل تذكرين – يا ابنتي – عندما نمتُ يوما وجدتكِ بجانبي و بيدك مِروحة ترّوحين بها عليّ؟.
كم مرة سألتكِ : هل تحبينني ؟
فتشيرين بكل براءة إلى عينيك الجميلة ,( أي أحبكِ مثل عيني ).
عندما كنتِ مريضة كنتُ طول الليل أتردد عليك , نغصّت ليلي لراحتك و زعزعتُ راحتي لسعادتك .
ابنتي .. أنتِ صفحة من صفحات الحب الصادق لو استطعت – يا ابنتي – لفتحتُ قلبي لك جنة تسرحين و تمرحين فيها , أنتِ أغلى كنوزي و أجمل طموحي , أنتي قمة من البراءة و مجرّة من الحب .
هيا – يا ابنتي – أقبلي فاجلسي ملكة على عرش قلبي,هذه حياتي كحديقة غنّاء تنداح بكل جميل فاقتربي فخيّري نفسك من أي أزهارها تفرح قلبك فاقطفيها بيدكِ الصغيرة .
ابنتي .. كوني كفراشة حالمة تلعب بين أزهار ذكرياتي و تقبّل جبين أحلامي و تعانق صحن خدَّي فإذا تعبتْ من اللعب رمت بنفسها فوق احضان عيني ثم تنام هانئة راضية تزّملها جفون حبي .
*** ***************
لا تبكي إن كرهكِ أقوام ,يكفيك أنه أحبك سيد ولد عدنان صلى الله عليه و سلم , لا تأسي إن دفنكِ أقوام فقد أحياكِ الإسلام , و قلّدك وسام العطف إن كنت بنتاً , و وسام البر إن كنتِ أماً , و وسام الرحمة إن كنتِ أختاً و وسام المودة إن كنتِ زوجة .
لن تجدي – يا ابنتي – أعدل و لا أنصف من هذا الدين الذي رفعك كنجمة تتلألأ أنوارها في سماء الكرامة و العزة .
**************
أشكركِ – يا ابنتي – فأنتِ أكبر سلوة لقلبي , أحس الحياة هينّة و تافهة أمام ابتسامة واحده من ابتسامتكِ .
أتسألين – يا ابنتي – عن أجمل كلمة أحبُ سماعها ؟؟ انها كلمة " يا أبتِ " , إنها كلمة رقيقة تسري خيوطها فتدغدغ مشاعري و تراقص خواطري , إنها كلمة ساحرة تحرك العواطف و تبعث المشاعر . أتسألين عن أجمل لمسة ؟؟ إنها لمسات يديك تضّمدين بها جراح أيامي , أحس أن جراحي تندمل بلمسات يديك الرقيقة التي هي أرق من الحرير .
ابنتي ..أنتِ فضاء من حب واسع ليس له حدود . , أنتِ مساحة فسيحة من وجدان ليس لها سدود , أنتِ حمامة سلام تحارب الظلم و القيود ,أنتِ راية من حب و حولها ضلوعي كالجنود , أنتِ مدرسة من أخلاق تصنع القيم و المبادئ , أنت أكليل من تهاني وورود من أماني أزيّن بها لوحة قلبي .
هذه مشاعري تظلك كخيمة وارفة الضلال .يسكنها الألفة و المحبة و يفوح منها المودة .
هذا شلاّل أحلامي يمتد نحوك يرويكِ بالنمير .
*******************
ابنتي .. ليست المحاولة و التجربة عيباً مهما لحقها زلل , بل العيب أن تبقين طول حياتك واقفة مكانك حتى تهجم عليك دابة الأرض فتأكل منسأتكِ فتهوين ساقطة .
ابنتي .. امسحي اليأس من قاموس حياتكِ , ارجمي الفشل بأحجار النجاح , إذا امتلأت طريقك بالأشواك فلا تتقهقري , فإن أعظم هزيمة: هي الهزيمة النفسية , كوني جبلاً أمام الخطوب , لا تتراجعي , تصدّي لها بالثقة و التوكل على الله .
********************
ابنتي.. من أراد أن يعيش سعيداً فلا يكثر النواح على الماضي و لا يعاتب الآخرين, فإن الحياة قصيرة لا تستحق عويلاً و ضجيجاً , صافحي الحياة بخفة الروح و سلامة القلب و صفاء النفس .
ابنتي .. ليست السعادة في قصر منيف و حسب شريف , إنما السعادة في التمرغ في عتبة العبودية و محراب الطاعة والتوحيد.
***************
لم أرَ شيئاً يزيد المرأة جمالاً مثل جمال الحياء . ابنتي .. إياكِ وأن تكوني خرّاجة ولاجه إلى الأسواق , فإن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدح إحدى بنات الرجل الصالح في قصة موسى , قال الله تعالى عنها ((وجاءته إحداهما تمشي على استحياء..)) قال عنها : جاءت متلثمة بدرعها لم تكن خراجة ولاجة .
ابنتي .. لم أرَ شيئاً في الدنيا لسعادتك مثل: بيتك .
ابنتي أقولها بملء فيّ : بيتكِ ثم بيتك ثم بيتكِ .. إنه مملكتك الكبيرة, و منارة سعادتك الفسيحة . حسبكِ أن الله أمرك بالقرار فيه, قال تعالى ( و قرن في بيوتكن ... ))
********************
فهل رأتِ الدنيا و فاءً كهذا الوفاء ؟ !
لكِ الله ايتها الحضرمية المسلمة!!! .
كأنَّ لسان حالها يردد قول المسلمة الأولى :
تطاول هذا الليل واسود جانبه و أرّقني إلاّ خليل ألاعـــــــبه
فوالله لولا الله لا شيء غيــره لحرّك من هذا السرير جوانبه
و لكن تقوى الله ذا يصـــدني و خوفي لزوجي أن تنال مراكبه
*** **************
إنهم حسدوكِ على حياءكِ , فطمعوا في إنزالك من العلياء إلى الحضيض , و من الجوزاء إلى الحفر , و مثلهم احذري دعاة الموضة و التقليد للغرب .
ابنتي .. أنت نسائم دافئة تراقص شراع سفينتي فتطرب أذني من شوق و فرح .
ابنتي .. خذي راحة يدي فانقشي فيها ذكرياتك الجميلة كما كنتِ و أنتِ صغيرة . إذا وجدت قلماً اسرعتِ ترسمين خطوطاً في راحتي و تنسجين قصوراً من التفاؤل , إذا نظرتُ إلى يدي رأيت خطوطكِ تتراقص على راحتي, فإذا تعبتْ نامت هادئه على سرير راحتي , بل لقد رفضت أغلاق يدي , لأني أحب أن أمتّع عيني بالنظر إلى شاشة إبداعاتك , يا لها من ذكريات جميلة احتفظتُ بها في حقيبة يدي!! .
*****************
*******************
ابنتي .. لن أنسَ خيطك الطويل الذي تلعبين به و عمرك سنتين , إني أنظر إلى قفزاتك الصغيرة , مرة تتعثرين و مرة تسلمين , و مرة تكاد ان تسقطين .
أتعجبُ من تفاؤلك كلما تعثرتِ قمتِ بإصرار و تحدٍ و ووثبتِ للقفز من جديد, بل كلما أرتفع الخيط ارتفعت همتكِ , ليتكِ – يا ابنتي – تأخذين من هذا درساً طول حياتك , فالحياة عقبات كثيرة و منحدرات خطيرة , فإياك و أن تيأسي من أول قفزة بل اصمدي إذا كبرتِ كما صمدتِ و أنتِ صغيرة, فأمامك ليس خيطاً واحداً بل خيوط كثيرة أشبه بشباك العنكبوت .
**********************
ابنتي ... يا نبضات القلب و بحر الأفراح و بلسم الأرواح و أزكى عطر فوّاح .
احذري من كثرة دخول الأسواق فإنها أماكن يبغضها الله , إياك و اللين في الحديث مع الرجال فإن حبي لك دفعني لأن أكون ناصحاً أميناً .
ابنتي يا فتنة الروح و حبيبة مهجتي , أمكِ أرضعتكِ لبنا و أنا أرضعتكِ حباً , سكبتُ بحار حبي على شفتيكِ حتى أخضرّتْ خدوكِ بقبلات الحب , و أسرعت نظراتي ترسم بأقلام الحب لوحات الحنان على صحن جبينك .
و لمّا انتهيت .. نظرت إلى سماء خدك فوجدت رسماتي كالنجوم تضيء على جبينك و تزهر كورد الربيع , و تضحك مع النسيم كلما راقصها , و يسيل من لعابها قطرات الندى .
ما احلاكِ يا ابنتي ؟ و ما أجملكِ ؟
لكِ حبي و لك تقديري .
**************
أنتِ ألوان طيف زينت خافقي , قد وهبتك حبي و قلبي سرمدياً , إن أنا عشت سيبقى ذكرك كالشمس ضوءها لا يغيب .
ستبقى نبضات قلبي تراقص إسمك .
ابنتي .. لن أنس سجادتك منذ أن كنتِ صغيرة . رأيتك تحبين الصلاة , فإذا وقفت أصلي رأيتك تقلدين حركاتي و أبتسم أحياناً عندما أراك تصلين لغير اتجاه القبلة .
فإذا ركعتُ ركعتِ مثلي و إذا سجدتُ خررتِ ساجدة خلفي قد ألصقت يديك بقلبي .
لن أنسَ حجابك الجميل الذي فاض طهراً و غدا في رأسك كالنجم يحيط بوجه القمر .
لن أنسى – يا ابنتي – قبلاتك التي تمطرين بها وجهي و لحيتي حتى غدت كالنجوم تزين سماء وجهي .***************
هذه كلماتي كحلل مزهرة تتساقط أشعة ثمارها إلى فسيحات قلبك .
ابنتي .. هذه الشمس تهديكِ حلة ذهبية نسجتَها اصابعها من حريرأشعتها, ثم ضمخّتها عطراً من ورسها الأصفر الذي أنتجته من رحيقها , ثم قدمته لك في طبق مرصع بالنجوم و اللآلئ التي غدت كألوان الطيف تطير إلى عدسة عينيك , و جعلتِ تنظرين إلى الطبيعة بعدسة ملونة تترقرق أهازيج الطيور على شفتيك و أقبلت الورقاء تغني على أغصان خديك و ضج الفضاء حواليك بالنشيد و التغريد .
******************
ابنتي .. لقد توّجكِ مولاك بعقل رشيد و قلدك برأي سديد , كوني في الحق كالحديد , لا تراعي من الباطل و نقمته , و لا يغرنك خلخاله و رونقه .
*************
ابنتي .. ابنتي تسلّقي سلم الأمل و أطمعي في الجلوس على النجوم .
ارفعي رأسك بالإسلام عالياً , فاخري الدنيا بإسلامك . ابنتي .. طلقي الكسل ثلاثاً و انزعي طوقه من عنقك , واحرقي أغلاله .
ابنتي كوني كالنخلة ترمى بالحجر فترمي بأطيب الثمر , ابنتي كوني كالنحلة تأكل طيباً و تضع طيباً و إن سقطت لا تكسر شيئاً .
******************
********************
و إذا بشّر بعضهم حزناً أخفوكِ . فأنتِ إما ميتّه في قبر ظلماً, أو حيّة في سجن كرهاً , فصرتِ بينهم بين موتتين و إهانتين : إما وئيدة , و إما من الكرامة بعيدة. و هذا واحد منهم عندما رزق بالبنت الثامنة طاف بالكعبة وأوثانه قائلاً :
يارب حسبي من بنات حسبي *** شيّبن رأسي و أكلن كسبي
إن زدتني أخرى خلعتَ قلبي *** و زدتني هماً يدق صلـــــــبيِ
يا رب زدني من بنات زدني *** قبّلن رأسي و يزيد كسبي
إني و إن سيق إليّ المهر
ألف و عبدان و ذود عشر
أحب أمهاري إليّ القبر
وفي حضرموت انتشرت المقولة الظالمة(الخيبة الخيبة من البنات, بهنأ لهن بالموت ولو كنّ عرائس مسندات)
, إنه جانب مظلم يصوّر تعاسة البنت في حياة الجاهلية قبل الإسلام,وعند من جهلوا الاسلام .
غير أن بعضهم أكرمها و أحبها حتى قال :
بنيتّي ريحانة أشمها *** فدتني بنتي و فدتني أمها
كريمة يحبها أبوهــــــــا
مليحة العينين عذبٌ فوها
لا تحسن السب و إن سبوها
*** ***********
ابنتي .. ملأتُ الدنيا أنغاماً في حبك فكأن ّالدنيا تردد صدى مشاعري , ابنتي إن سألتِ عن حبي ؟
أنتِ حبي كله , إن سألتِ عن قلبي ؟ قلبي مرآتكِ . إن سألتِ عن مشاعري ؟ مشاعري جناحك.
إذا صال الحزن في ثغور قلبي ناداه قلبك مهلاً أنا قادمة .
أنتِ صباح ليلي و سلّم أملي , و غيث نفسي ,لن أنسَ حبكِ للعب في الشارع , أناديكِ عودي إلى البيت . فتردين قائلة : دعني يا أبي ألعب , لم أشبع بعدُ من اللعب .
فإذا عدتِ إلى بيتنا المتواضع من الطين
ارتميتِ على سرير صدري متعبة ثم انهالت قبلاتك تدفن وجهي .
*********************
عسى الملك الكريم يغفر زلتي و يستر حوبتي .
ابنتي أرجوكِ اجعلي لك في الحياة بصمة تبقى آثارها و تشع أنوارها لتسعدي من حولكِ , و يذكرها من خلفكِ.
ابنتي لا تعيشي لنفسكِ و عيشي للآخرين, فالمسلم كالغيث أينما حل نفع ,و كالماء إذا كثر زادت منفعته ,أوصيك – يا ابنتي – بالقرآن فإنه أنيس تحلو به الحياة و هو لكِ طوق النجاة .
الخاتمة
عندها رفعتُ يديّ لربي خاشعاً ووقفت في المحراب داعياً :
اللهم احفظ بناتي و بنات المسلمين
اللهم استر بناتي و بنات المسلمين
اللهم اعصم بناتنا من الشر و أهله
اللهم وفقنا لتربيتهن و أدبهن
و اجعلهن لنا ستراً و حجاباً من النار
الهم آمين